قلنا بالأمس أن النظام السابق أي الرئيس وأعوانه قد بلغ به حد الكهولة أنه لم يعد قادرا علي استقراء ما يجيش في صدور المواطنين.
فبالنظر إلي كل هذا الظلم والقهر الذي أنزله بهذا الشعب, فقد كان ما جري من إسقاط النظام قدرا محتوما خطه هذا الشعب الطيب الصبور, وهو القدر الذي لم يستوعبه النظام السابق حتي الآن, بالرغم من كون رأسه وغالبية أعوانه يخضعون للتحقيقات, ناهيك عن دخول غالبيتهم الحبس.
في الوقت نفسه, فإن ما اصطلح علي تسميته بـ الفلول نجحت عقب إسقاط النظام في أن تشيع حالة من الفوضي بالتحريض علي الاحتجاجات والإضرابات الفئوية التي بدأت مؤخرا في الانحسار بفضل وعي المواطنين, ونتمني لهاأن تتوقف تماما في المستقبل القريب.
إلا أن هذه الفلول يجب ألا نتوقع أن تستسلم بسهولة, فبعد أن خاب أملها بإشاعة عدم الاستقرار من خلال الإضرابات والاحتجاجات الفئوية, فقد لجأت إلي تحريض بعض المواطنين علي الأخذ بالقانون في أيديهم, وتطبيقه علي الوجه الذي رتأونه, وهو ما يمثل ضربة لفكرة الدولة في الصميم.
في الوقت ذاته, فإن ما يحدث في محافظة قنا من احتجاجات شعبية رافضة للمحافظ الجديد اللواء ميخائيل فقد تخطي هو الآخر ضرب مفهوم المواطنة الذي لا يميز بين مواطن وآخر علي أساس الدين إلي حد الضرب مباشرة في معني الدولة. والحقيقة, هي أن الكثيرين يخلطون بين حق الشعب في الاحتجاج علي وضع أو أوضاع لا تريحهم ولا تحقق مصالحهم, وبين العدوان علي مفهوم الدولة الذي هو في النهاية عدوان علي الشعب ذاته!
فكما قلنا, فإنه يجب التفرقة بين المفاهيم التالية: الحكومة( وهي أداة تنفيذية يمكن تغييرها بسهولة نسبية) ـ النظام معناه الضيق المكون من الرئيس وأعوانه ويمكن التخلص منه بسهولة نسبية أقل) النظام( بمعناه الواسع الصحيح أي مجموعة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, وهو الشيء الذي يجب عدمالاقتراب منه؟ ـ الدولة وهي الشخصية الاعتبارية التي تشمل كافة العناصر سابقة الذكر, وهي التي يجب أن تكون خطا أحمد يجب وينبغي ألا نسمح لأنفسنا أن نتخطاها, فالعواقب أخطر مما يظن البعض, وتلك قصة أخري...