كل المؤشرات والتطورات توحي بأن هناك قوي لا تريد لهذا الوطن ان ينهض ويبدأ مسيرة النهوض والتقدم.. ان ما تشهده الساحة من احداث وتطورات مأساوية دموية لا تتسم بالعقلانية أو المنطق تشير إلي ان هناك قصورا سواء علي مستوي الاجهزة المسئولة عن ادارة شئون الدولة أو من الشعب الذي قام بثورة ٥٢ يناير.. كل الدلائل تؤكد ان هناك معوقات وصعوبات في استيعاب الامور واتاحة الفرصة لعملية الاقلاع بالوطن للفكاك من الازمة الاقتصادية والمجتمعية. الحاجة اصبحت ملحة لتجميع القوي من اجل الخروج من هذه المحنة التي يريد اعداء هذا الوطن ان تتعظم مظاهر تداعياتها حتي تتوقف المسيرة.
مواجهة حالة الفوضي والانتكاس التي يريدها المتربصون لنا وأن نعيشها تتطلب التصدي بقوة وسيادة القانون لكل محاولات جرنا إلي معارك وفتن تلهينا عن مهمة اعادة بناء هذا الوطن.
لم تعد هناك فرصة ولا وقت »للطبطبة« والوقوع فريسة لسوء التقدير الذي يدفعنا ويقودنا إلي التهلكة والضياع. لابد من اجل حماية وانقاذ المستقبل والمصير من وقفة صلبة امام شراذمة التأخر التي خرجت من الجحور استغلالا لمناخ الحرية الذي افرزته ثورة ٥٢ يناير. انها تستهدف تنغيص حياتنا والرجوع بنا إلي الوراء وشغلنا عن الانطلاق لتحقيق امالنا وطموحاتنا في حياة حرة وكريمة لكل ابناء هذا الوطن. إنهم يريدون ان نشطب من حياتنا كل ما حققناه بالتنوير والتعامل السمح الاخلاقي علي مدي عقود طويلة.. في كل شئوننا.. وفقا لما تقضي به ارتباطاتنا الدينية.. ليس من هدف لهم سوي الانغلاق والعودة الي الظلمة والتخلف.
ان الحرية التي نتطلع إليها ونعمل من أجل ارساء دعائمها لا تعني الاعتداء علي حرية وحقوق الغير وحرمانهم من حق المواطنة. يجب ان يدرك كل مواطن يعيش علي ارض هذا الوطن ان القانون وحده هو الذي يحميه ويحكم علاقته مع باقي افراد المجتمع الذي نعيش فيه.
لا مجال أبدا للخروج علي هذا القانون الذي يلزمه باحترام الواجبات التي تحفظ له الحقوق والحرية والكرامة. غير مسموح علي الاطلاق وفي ظل سيادة هذا القانون ممارسة عمليات الارهاب والتسلط وفرض الاراء بأي صورة من الصور بما يتناقض مع سعينا إلي اقامة الدولة المدنية المتقدمة الناهضة.
في هذا المجال فإن علي اجهزة الدولة المنوط بها تفعيل القانون وضبط الايقاع في الشارع لإقرار الامن والاستقرار تحمّل المسئولية بإلزام واخضاع الجميع للقبول بمبدأ الحقوق والواجبات.
ان التفريط في هذه المسئولية يعني اطلاق العنان للفوضي واعطاء الضوء الاخضر للبلطجة والانفلات في السلوكيات.
لاجدال ان مصر الحاضر والمستقبل تواجه خطرا داهما اصبح يتمثل حاليا في تصاعد غريب للاحتقان الديني الذي لم نشهده علي مدي تاريخها الطويل. لقد عشنا وعاش اجدادنا علي ارض هذا الوطن لا فرق فيه بين مواطن ومواطن ولا يتعامل احد مع آخر وفقا لانتمائه الديني. كانت تجمعنا الاخوة والانتماء والولاء والحب لهذا الوطن. كل هذه القيم والمباديء التي كانت تحكمنا تدفعنا إلي التساؤل عما حدث؟ ولماذا هذا الذي يحدث؟ ومن المسئول عن هذه الصورة السلبية التي اصبحنا عليها وتهدد امننا واستقرارنا.. من المؤكد اننا في حاجة ماسة لاستعادة عقولنا وتوازننا ومسئولياتنا الوطنية من اجل عبور هذه الأزمة التي ولا جدال تدمي قلوبنا.