دخلت مسألة الإعلان الدستوري الجديد الذي يعتزم المجلس العسكري والدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء إصداره منحني خطيرا بسبب الرفض التام من جانب التيار الإسلامي وبعض القوي الأخري له.
حيث يرونه التفافا حول التعديلات الدستورية الأخيرة في مارس الماضي التي قال فيها الشعب كلمته. وكشرت جماعة الإخوان المسلمين عن أنيابها, وأصدرت بيانا تستنكر وتحذر من هذا الإعلان, لأن الإصرار علي المضي فيه يعني الانحياز للأقلية التي تحاول فرض وصايتها علي الشعب, وتمكينها من الالتفاف علي إرادته التي تجلت في استفتاء مارس, والافتئات علي صلاحية الهيئة التأسيسية المنوط بها كتابة مشروع الدستور, وكل هذه الأمور تتصادم مع قواعد الديمقراطية وتقر استبداد الأقلية وديكتاتوريتها.
وكررت الجماعة موقفها بأن الشعب هو الذي يمنح نفسه الدستور الذي يرتضيه, ولا يستطيع أي حزب أو فصيل أو جماعة أن يزعم أنه يمثل الشعب أو يتكلم باسمه, وبالتالي تعتبر هذه الخطوة اغتصابا لحق الشعب ومصادرة لحريته.
وأبدي الإخوان تعجبهم من إصرار المجلس العسكري, ونائب رئيس الوزراء إثارة مسألة الإعلان الدستوري رغم أن الموافقين عليه قلة, والرافضين كثيرون ـ وقالت لقد ذكر المتحدث باسم المجلس العسكري مرة أن هذه المبادئ الحاكمة ستختص باختيار أعضاء الهيئة التأسيسية لوضع الدستور, ومرة أخري أنها مبادئ حاكمة للدستور نفسه, وكلا الأمرين من حق الشعب وليس من صلاحيات أحد أو مجلس أو حزب أو وزارة أو جماعة, كما أن المجلس علق إصدار هذه المبادئ علي حدوث توافق وطني حولها, والرافضون لها أكثر بكثير من الموافقين عليها, ومظاهرات8 و2011/7/29 خير دليل علي ذلك, فلماذا إثارة الموضوع من جديد؟ وليس ثمة توافق وطني علي المبدأ.
وذكرت ا لجماعة أنها تربأ بالمجلس العسكري أن يساير فريق المواد الحاكمة ضد إرادة غالبية الشعب, لأن هذا من شأنه أن يستفز جماهير الرافضين لمبدأ المواد الحاكمة والحريصين علي حق الشعب وحريته, والراغبين في استقرار الوطن والسير في اتجاه الانتخابات ونقل السلطة للمؤسسات المدنية التي ينتخبها الشعب كي يعود الجيش إلي التفرغ لمهمته المقدسة في حماية الوطن والشعب ضد أي عدوان خارجي.
وأضاف الإخوان أنهم يربأون بالجيش أن يستجيب لضغوط هذه الفئة بإقحامه في المجال السياسي وإغرائه بأن يكون حاميا للدستور وحارسا للدولة المدنية ـ كما يزعمون ـ فالدولة المدنية مطلبنا جميعا, والشعب هو خير حارس وضامن للدستور, وإن هذه الرغبة تعني وجود لجنة لصيانة الدستور مثل إيران. أوشبيهة بتركيا العلمانية التي تجعل الجيش فوق الدستور, والتي يجاهد الاتراك منذ40 سنة لتغيير هذا الوضع, وقد قاربوا الوصول للغاية بعد تجارب مريرة من الانقلابات العسكرية أعدم فيها رئيس وزراء بتهمة إعادة أذان الصلاة من اللغة التركية إلي العربية وإعادة فتح مدارس الائمة.
واتهمت الجماعة نفرا في مصر يسعون إلي تجاوز كل المبادئ الديمقراطية وقيم الحرية, ولو أدي ذلك إلي استمرار فترة القلق والاضطراب والتضحية بالاستقرار والبناء, محذرة من الاستجابة لهم وتنفيذ أغراضهم مشيرين في الوقت نفسه إلي الاحتكام للشعب واحترام إرادته, حرصا علي المصلحة العليا للوطن, وتجنبا لما لاتحمد عقباه.
المصدر : الاهرام