حلم الإعلاميون المصريون لسنوات طويلة بإنشاء نقابة لهم كسائر المهن، وها هو حلمهم يتحقق، بعد أن أعطتهم ثورة الخامس والعشرين من يناير الأمل والفرصة في تحقيق الحلم؛ ولكن ما هي أهمية النقابة بالنسبة إليهم؟ وما الذي يمكن أن تقدمه إلى الإعلام المصري والإعلام العربي؟ وما الذي يتطلع إليه ويريده المواطن المصري من الإعلام؟... حول هذه التساؤلات دار حوار في قناة العالم الإخبارية مع الأستاذ عادل نور الدين (المنسق العام لنقابة الإعلاميين - تحت التأسيس - ورئيس معهد الإذاعة والتلڤزيون).
في البداية تحدث عادل نور الدين عن كفاح الإعلاميين ومعاناتهم من أجل إنشاء نقابة للإعلاميين... يقول:
ظل الإعلاميون عشرات السنوات يكافحون ويناضلون من أجل إنشاء نقابة للإعلاميين؛ لدرجة أن بعض من نادوا بإنشائها تم فصلهم، وطوال هذه السنوات تعرضوا لضغوط شديدة حتى لا تقوم نقابتهم؛ لأن النظام كان يريد للإعلام أن يصبح في قبضته، يتحكم فيه كيفما يشاء. وعندما وجد الإعلاميون أن كل الطرق مسدودة حاولوا أن ينشئوا تجمعات أو كيانات مؤقتة إلى أن يتم إنشاء نقابة؛ فكونوا سنة 2006 جمعية خريجي الإعلام، هذه النواة التي تطورت فيما بعد إلى أن تم إنشاء النقابة.
وذكر عادل نور الدين أسماء بعض الإعلاميين الذين ناضلوا على مدى أكثر من 60 عامًا من أجل إنشاء نقابتهم، مثل: محمد فتحي، سامي داود، جمال السنهوري، سيد الغضبان، حمدي الكنيسي، محمود سلطان، شفيع شلبي. كما ذكر أيضًا دور شباب الإعلاميين المشاركين في الثورة، الذين تحمسوا لإنشاء النقابة، وكانوا بمثابة القوة الدافعة لكي يقوم كبار الإعلاميين ويعلنوا من جديد إنشاء نقابتهم.
ثم انتقل الحوار إلى حال الإعلام المصري والعربي، وما يمكن أن تقدمه النقابة إلى الإعلام المصري بشكل خاص والإعلام العربي بشكل عام... يقول عادل نور الدين:
الإعلام (سواء المصري أو العربي) حاليًّا في مرحلة انتقالية، وفي مفترق الطرق..لا توجد قوانين تنظمه، لا توجد مواثيق شرف تتحكم في مساره، فهو يسير سيرًا عشوائيًّا فوضويًّا. والنقابة ببساطة تعمل في طريقين أو في مسارين: الارتقاء بالإعلام والإعلامي، وحماية الإعلام والإعلامي. وهذا هو الهدف الأساسي للنقابة، خصوصًا مع وجود أكثر من 23 قناة تلڤزيونية حكومية وأكثر من 17 إذاعة – وهذا رقم كبير - بالإضافة إلى هذا الكم الهائل في سماء المنطقة العربية (ما يقرب من 800 قناة عربية على النايل سات والعرب سات). والنقابة لن تحمي فقط العاملين في التلڤزيون الحكومي أو الإذاعة الحكومية؛ ولكنها ستحمي كل إعلامي مصري؛ فكل من يعمل في المحتوى الإعلامي في مصر ستوفر له النقابة الحماية والضمان لكي يؤدي رسالته بكفاءة، وذلك سيعود بطبيعة الحال على الجمهور؛ فنحن لا ننشئ نقابة من أجل الإعلاميين فقط؛ ولكن من أجل الجمهور الذي يستقبل الرسائل الإعلامية أيضًا.
ويضيف عادل نور الدين: هناك حالة من الحراك الإعلامي الذي نمارسه حاليًّا في النقابة؛ حيث بدأنا في سلسلة من الندوات والحلقات النقاشية والموائد المستديرة؛ من أجل صياغة مستقبل الإعلام في مصر، نستضيف فيها جميع المهتمين بالشأن الإعلامي (سواء من الشخصيات العامة، أو الأكاديميين من الإعلاميين، أو الممارسين منهم)؛ لكي نشارك جميعًا في صياغة مستقبل إعلامي يليق بمصر. فمصر التي لها تاريخ قديم في الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي لا بد من أن تعاد صياغة مستقبلها الإعلامي، ولا بد أن يمارس الإعلاميون فيها عملهم بكل حرية وكفاءة، ولا بد أن يرتقوا بمهاراتهم وقدراتهم، وذلك سيعود في النهاية على المشاهد والمستمع والقارئ. ونحن نسعى في هذه الفترة أيضًا إلى أن يكون للمؤسسات الإعلامية المصرية سياسة تحريرية واضحة؛ حيث لا توجد في معظم المؤسسات الإعلامية المصرية سياسة تحريرية واضحة يستطيع أن يستند إليها الإعلامي عندما يتولى التغطية الإعلامية أو الإخبارية لحدث ما - كما يوجد في المؤسسات الإعلامية الكبرى – فنحن نسعى في النقابة إلى أن تكون هناك سياسة تحريرية واضحة لكل المؤسسات الإعلامية المصرية؛ ما يبشر بوجود إعلام حر ونزيه ومسئول، يضع مصالح الجمهور أمام عينيه، وليس مصالح السلطة، وهذه هو الهدف الحقيقي لدينا؛ ولذلك نحن نطالب بتحرير الإعلام.
وعن تطلعات المواطن المصري، وما يريده من الإعلام.. يقول عادل نور الدين:
إن المواطن المصري يريد من الإعلام أن يستفيد من تجربة ثورة 25 يناير، عندما لجأ إلى شاشاته الوطنية التي كان من المفترض أن تنقل له الواقع بصراحة ووضوح، فوجد كاميرا التلڤزيون الوطني موجهة على صفحة النيل؛ بالرغم من المظاهرات العارمة في كل أنحاء مصر، فكان هناك تضليل وتزييف؛ ونتيجة لهذا التضليل والتزييف فقد الإعلام الوطني الملايين الذين هاجروا إلى شاشات التلڤزيون الأخرى؛ لكي يتابعوا التغطية الجادة والمحايدة؛ طبقًا للمعايير الإعلامية المهنية المتعارف عليها. فالإعلام هو مرآة للمجتمع.. ينقل كل شيء فيه؛ ولكن عيب هذه المرآة – للأسف الشديد - أنها مرآة انتقائية، ينقل بها القائم بالرسالة الإعلامية ما يريد: هل يقترب بالمرآة، أم يبتعد؟ هل ينقل التفاصيل الجيدة، أم التفاصيل القبيحة؟ هل ينقل الصورة بأكملها، أم يجتزؤها؟ هل يعرض رأيًا، أم الرأي والرأي الآخر؟ من يستضيف؟.. أشياء كثيرة يتحكم بها القائم بالرسالة الإعلامية، والمشاهد أو المستمع أو القارئ المصري يريد إعلامًا متوازنًا محايدًا، يعتمد على المعايير المهنية في التغطية.