طالعتنا العديد من وسائل الإعلام في اليومين الماضيين بدعوات إلى تأجيل إنشاء مفاعل الضبعة النووي وتواترت أنباء حول قرار لوزير الكهرباء والطاقة بتأجيل طرح المناقصة وهو الأمر الذي أنكره الدكتورأكثم أبو العلا المتحدث الرسمي لوزراة الكهرباء بقوله: "لم تصدر الوزارة بيانا بتأجيل مناقصة إنشاء محطة نووية بالضبعة".
ومع ذلك فتح الباب أمام تساؤلات عدة حول إمكانية التأجيل، وهل يجب التأجيل بعد التسرب الذي حدث بمفاعل انشاص أم يجب المضي قدما في خطوات المناقصة.
يقول الدكتور عبد الفتاح عبد العال حامد رئيس شعبة التنظيمات والطوارئ الإشعاعية بمركز الأمان النووي: "أرفض تأجيل البرنامج النووي المصري." وأوضاف أنه سبق وأن بدأ الإعداد لهذا البرنامج النووي منذ سنوات طويلة وتمت دراسته من جميع الجوانب.
وأوضح أن الخطوات التي يتم اتخاذها الآن تعد استكمالا لما سبق، وأضاف أنه عندما انفجر مفاعل تشيرنوبيل في الثمانينات من القرن الماضي توقفت الخطوات المصرية لبناء برنامجها النووي في الوقت الذي لم تتوقف فيه أي من دول العالم.
مشيرا إلى أن التسرب الذي حدث من مفاعل انشاص هو تسرب من طلمبة المياة؛ حدث بسبب عدم اتباع إجراءات التشغيل السليمة وعدم الحصول على إذن تشغيل، وهو الذي يضمن فحص الأجهزة لضمان سلامتها والرقابة عليها أثناء التشغيل لمواجهة اي أعطال قد تحدث.
ويرى الدكتورعبد الفتاح أن توقف ألمانيا عن بناء المفاعلات النووية وتشغيلها في الفترة الأخيرة يرجع إلى قوة تأثير حزب الخضر الألماني الذي يحارب النشاط النووي بوجه عام.
نعم للتأجيل مع الاستعداد
ولكن للدكتور محمود بركات الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية له رأي مخالف، فمع أنه يرى أن التأجيل سيضر ويؤثر في عملية إنشاء المفاعل النووي المصري بالضبعة، والتي من المتوقع أن تستمر لمدة 10 سنوات؛ إلا انه يتفهم مبررات التأجيل المتمثلة في الظروف التي تمر بها مصر حاليا والمشكلات التي يواجهها مجلس الوزراء في ظل عدم وجود مجلس شعب ورئيس مسئول.
ويوضح قائلاً: "هذا المشروع يحتاج دعم حكومي قوي ومستمر ودائم وهو ما سيكون متوفراً بصورة أكبر بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية وبعد وجود دستور جديد."
إلا أنه يرى ضرورة التعامل مع المشروع كحقيقة واقعة والتجهيز الجيد له استعدادا لبدء تنفيذه، وذلك من خلال اتباع عدة خطوات منها؛ إقامه معهد عالٍ كبير يستقبل خريجي كليات الهندسة والعلوم في مجالات الطاقة النووية لتدريبهم وإكسابهم الخبرة في المجال النووي.
الاهتمام بالتعليم الصناعي فيتم تخصص معاهد صناعية لتخريج كهربائيين وسباكين ومساعدي مهندسين متخصصين في التعامل بالمجال النووي وهؤلاء بدورهم سيكونون مدربين لباقي الأيدي العاملة.
كما ينصح بالبدء في تحديد الهياكل الإدارية للمحطات النووية بالإضافة للهياكل الرقابية والهياكل الهندسية.وأخيراً إعداد مكتبات للهندسة النووية والعلمية تزخر بأمهات الكتب وأحدث الأبحاث في هذا المجال.
بهذة الخطوات يؤكد الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية أننا سنكون مستعدين عند إنشاء المشروع النووي المصري لادارته وتشغيله بفريق عمل مصري مدرب.
ويقول: "لا بأس من تأجيل المناقصة؛ ولكن لا يجب أن نسترخي لأن الطاقة التي سيتم إنتاجها من مشروع الضبعة النووي ستسهم فى زيادة مشروعات التنمية، خاصة أننا شعب يزيد ما يقرب من مليون نسمة سنويا ونحتاج لطاقة متزايدة."
واستنكر أستاذ الطاقة النووية التهويل الذي حدث بسبب تسرب المياة من مفاعل انشاص. فيقول: "بالنسبة للمتخصصين في هذا المجال فهو أمر عادي جدا ولا يمثل أي خطورة".
المانيا تعود للمشروع النووي
وأكد الدكتور محمود بركات أن سبب توقف بعض الدول الأوروبية عن إنتاج مفاعلات نووية لا يعود إلى خطورة المشروعات النووية بأي حال؛ ولكنه يرى أن ذلك التوقف بسبب تركيبة المجتمعات في عدد من البلدان الأوروبية مثل ألمانيا وسويسرا وإيطاليا.
فيوضح أن هذه الدول بلغت سقفاً متطوراً ولا تحتاج للمزيد من الطاقة في الوقت الحالي؛ فعدد السكان في تلك الدول إما ثابتاً أو يقل وهذا يعني الهبوط في الاحتياج إلى الطاقة.
ويقول: ان هذه الدول لا تحتاج إلى طاقة جديدة فهي لا تبني مصانع جديدة، لذا بدأت في ترشيد استهلاك الطاقة والاعتماد على الطاقة الناتجة من الوقود الأحفوري أو الرياح وهي تكفي احتياجاتها الحالية."
إلا أنه أكد ظهور بعض الأصوات العاقلة في ألمانيا بالذات التي بدأت منذ أيام تنادي بالابقاء على عدد محدود من المفاعلات النووية لأن الوقود الأحفوري يسبب تلوثا للبيئة؛ كما بدأت في إنتاج مكونات الخلايا الضوئية في دول اخرى؛ منها مصر حتى تحافظ هلى بيئتها من التلوث.
نعم للشمس والرياح
ويستنكر الدكتور بركات الهجوم الذي طال البرنامج النووي المصري من "الرياحيين والشمساويين" وهم الذين ينادون باستخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية بدلا من النووية.
ويقول: "يعتبر علماء الطاقة النووية أن استخدام الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح هو شيئ متمم ولازم كمصادر مكملة للطاقة النوويه وخاصة فى عصرما قبل النضوب(للنفط) لان احتياجاتنا تتطلب ذلك."
ولكنه يرفض القول بأن الشمس أو الرياح يمكن أن تحل محل الطاقة النووية - على أقل تقدير عبر العقود القادمة
المصدر : اخبار مصر